الرئيسية » 2011 أوكتوبر 16 » ثورة الحملان...قصة قصيرة
10:42 PM ثورة الحملان...قصة قصيرة | |
يتكئ
بساعديه على السلة التي أمامه.والتي تحوى متطلبات يومه ..تقوده حمارته
التي يمتطي ظهرها.. بل بالأحرى أغنامه.التي لايعبأ حتى بوجودها أمامه .ينظر
إلى الحقول الخضراء على جانبي الطريق بعيني الحاسد تارة والى السماء بعيني
الآمل تارة أخرى...سحب متفرقة يختلط الأبيض منها بالرمادي.ينظر جهة الشمال
. لعل السحب القادمة من هناك أكثر قتامة...يمنى نفسه بسقوط المطر يرفع
أنفه ساحبا الكثير من الهواء إلى قفصه الصدري.يمعن الشم ربما ثقبت انفه
رائحة المطر.يحكم لف عباءته حول جسده النحيل حتى لا يتسرب البرد الذي
يتمناه إلى عظامه.. تداهمه أشعة الشمس من خلفه.. يتوارى أمله في سقوط
المطر. قارب
الشتاء على نهايته ولم تبتل الأرض إلا من صقيع وثلوج تلتهم مرعى أغنامه .
حتى القناة التي تروى أرضه خويت من الماء إلا من بعض يسير يكفى بالكاد لشرب
أغنامه.. من يسبقوه على ضفافها أقاموا السدود ليستأثروا بمائها...عبسا
حاول مداهنتهم .أو شكواهم. بعد أن عجز عن الدفاع عن حقه فى المياه. فقد
وهنت قوته وعصفت بها سنوات العمر. حمارته
الكسلى تبطئ من سيرها تميل إلى تلك القناة لتلتهم بعض الأعشاب النامية على
حافتها.أو تلتقط بعضا من أعواد الحطب المتناثرة على جانبي الطريق..يلكزها
بضرب بطنها باهتزاز رجليه ليلحق بالقطيع ... يتقدمه
أبناءه كل منهم يركب حمارا قويا. يخلفهم عددا من الكباش يشغلون الصف الأول
من قطيع الأغنام وحملانها .الذي ينتهي بمجموعة صغيرة من الماعز.. على
جانبي الطريق تسير مجموعة من الكلاب. موازية للقطيع كل منها يسير في خطه
المرسوم لا يحيد عنه .إلا إذا شرد أحد أفراد القطيع فنجد الكلب القريب منها
يجرى مسرعا لإعادته إلى خط سيره المرسوم .طريق
طويل يسيرونه يوميا يبدأ من مشرق الشمس. متجها إلى تلك الرقعة من الأرض
التي آلت إليه بوضع اليد...لم يرثها لكنه وجد أناس يستصلحون أرضا ويزرعونها
فأتى بعدهم واستصلح تلك القطعة لتكون مرعى لأغنامه.وتنتهي بصحراء قاحلة لا
تصلها الماء ها قد وصل إلى أرضه .يسرع كل من في القطيع قافزا القناة إلى تلك الأرض لييبحث عن قوت لن يجده فى ارض أصابها الجدب يسرع
ابنه الأكبر ليقف بجواره. ليستند على كتفه نازلا من فوق حمارته التي تتجه
سريعا إلى المرعى..يجلس متكئا الى شجرة الصفصاف الوحيدة على هذه القناة
..يمد يده داخل سلته..تتعثر في مغزله.. يخرجه .. يقلبه بين يديه ينظر إليه
ويتذكر كم كان يحبه ينتظر الصباح حتى يحتضنه بيده... يقوم بلف أسفله في خفة
وسرعه. ليغزل كمية من الصوف قد أتى بها من قص إحدى أغنامه ..ينظر إليه وقد
تكسرت زوائده العليا وتهشمت مقدمته .يزم شفتيه امتعاضا ويعيده إلى السلة
فى أسى يخرج
نرجيلته وأدوات عمل الشاي .. ابنه يصعد الشجرة يعلق السلة فى فرع جاف.
ويأتى ببعض الأخشاب . يقوم هو برصها جيدا على شكل هرم صغير تتوسطه بعض
الأعشاب .يشعل فيها عود ثقاب.يرتفع اللهب يمد ذراعيه باسطا كفيه حول اللهب
وكأنه سيحتضنه وتبدوا على وجهه السكينة . تعلو وجهه ابتسامة بلهاء كلما زاد
ارتفاع اللهب.ملأ قنينة الشاي وضغط بها على قطع الأخشاب الملتهبة ليهدئ من
روعها.ويهدىء من سيل الذكريات التى تهاجمه .يلتقط قطع مشتعلة من النار
ليضمها فوق نرجيلته ويتراجع إلى الوراء مستندا إلى جزع تلك الشجرة الهزيلة
ساحبا نفسا عميقا من الدخان ثم يرفع رأسه نافثا دخان كثيف في اتجاه مرعاه
وأغنامه..من بين غلائل الدخان يتابع القطيع....الحمير كل يستأثر بجزء من
الحشائش النامية على القناة وكأنهم قسموها على بعضهم .كلما اقتربت نعجة أو
حمل صغير من مرعاه اخرج زفيرا مرعبا فى وجهها .وان اقتربت اكثر استدار
ورفسها بارجل قويه..فتتراجع النعاج لتجوب أرض جرداء.بحثا عن غذاء لا
تجده.... هزلت
النعاج.أصابها الجرب .سقط بعض صوفها.أنهكها الجوع.. .تهرول مبتعدة عن
حملانها الصغيره.. ترفسها لو اقتربت من ضروعها الجافة اليابسة هاله المنظر..رغم تكراره يوميا.. لكن قلة حيلته..دعته الى النظر الى بعيد الى الأبناء.. يتسابقون بأقوى الحمير فى الصحراء يحاول
القيام مستندا الى جزع الشجره.يناديهم بصوت واهن..لا يسمعان .. تخنقه
العبرات ..تتحجر فى عينيه الدموع ..ايصل به الحال الى هذا الحد الذى لا
يقوى على القيام..قديما كانت ارضه يانعة خضراء .كانت أغنامه شبعى لم يكن يجرؤ أحدا على قطع المياه عن ارضه..كانت زراعاته وأغنامه مضرب المثل ..حتى شجرته هذه كانت وفيرة الظل . يلوم نفسه .على تدليله لابنائه.وعدم تحميلهم المسؤلية .وتركهم للعبهم ولهوهم استسلم لضعفه.وركن الى جزع الشجرة.ينفث مع دخان نرجيلته اّلامه وهوانه ناظرا الى السماء علها تأتى بسحابة ممطره تغسل همومه وتروى الارض العطشى.. تناقص
ظل الشجرة حتى صار يغطى جزعها فقط..جاء كلبه الكبير ليرقد على مقربة منه
باسطا ذراعاه . فقد حان وقت الغذاء..يمد عصاه لينزل سلته ..يضعها
امامه..يجمع بعصاه جمرات النار..ينتظر وصول الأبناء . حمل
صغير يقفز القناه يقترب منه.. يدور حوله يقترب من جزع الشجرة يحاول نحت
لحائها..يبحث عن أوراق يابسة تكون قد سقطت من الشجرة ولم يسبقه اليها احد
من اقرانه..باءت محاولاته بالفشل..يقترب من السلة.. يدس رأسه داخلها..
يحاول الراعى ابعداه بعصاه.. يكشر الكلب عن انيابه..لا يأبه الحمل لا
بالراعى ولا بالكلب ..يأتى حمل أخر يشاركه..تتوافد الحملان على
السلة.يعقبهم باقى القطيع مسرعين.. .يحيطون بالراعى وسلته ..لم تفلح محولات
الكلب ولا باقى الكلاب الذين اتوا مسرعين للنجدة فى ابعادهم... لم يعد
نباحهم يخيف النعاج الجوعى... تعلو أصوات الحملان تتحول الى زئير ..تتراجع
الكلاب ...تنسحب...يحتضن الراعى سلته يقاوم السيل المنهمر من الحملان..بلا
جدوى ..تدوسه الارجل.. تنغرس الحوافر فى وجهه ..فى جسده ..يسيل دمه ..تخونه
قواه يترك سلته للقطيع..تبدو ذراعه مرفوعة بين النعاج..يهبط الأبناء من
فوق الحميرالتى لا تأبه بما يحدث.. تنطلقا الى مرعاها .. الابناء فى ذهول
من هول المفاجأة .يحاولوا ابعاد القطيع .يمدون أياد مرتعدة الى اليد
المروفعة...تحول بينهم الحملان..يتحول القطيع الى قطعان صغيرة يتقاتلون على
سلة فارغه يتجاذبونها فيما بينهم..كل قطيع يحاول الاستئثار بها
لنفسه..يجلس الابناء حول الراعى يحاولون تضميد الجراح الغائرة.....
| |
|
مجموع المقالات: 0 | |
دردشة موقع اغا
تصويتنا
إحصائية
المتواجدون الآن: 4
زوار: 4
مستخدمين: 0
أرشيف السجلات
أصدقاء الموقع