الرئيسية » مقالات » مقالاتي |
وفي أنفسـكم أفــلا تبصــرون ـ الجهاز التنفسي
إن
الوظيفة الرئيسية للجهاز التنفسي هي توفير غاز الأوكسجين لكل خلية من
خلايا الجسم ومن ثم تخليصها من غاز ثاني أكسيد الكربون التي تنتجه هذه
الخلايا. والأكسجين عنصر ضروري لإنجاز عملية تحويل المواد الغذائية إلى
طاقة تلزم لإجراء مختلف أنواع العمليات الحيوية التي تجري في داخل الخلايا
أو ما يسمى بالحرق أو الهدم وينتج عن عملية النحويل هذه غاز ثاني أكسيد
الكربون. وتقوم مكونات الجهاز التنفسي المختلفة بأخذ الأوكسجين من الجو
ومن ثم يتم إيصاله إلى خلايا الجسم من خلال الدم والذي يعود محملا بثاني
أكسيد الكربون فيقوم الجهاز التنفسي بسحبه من الدم وطرده إلى الجو. وبما
أن الجسم لا يمكنه أن يخزن الأوكسجين في داخله فإنه من الضروري تزويده
بهذه العنصر الهام بشكل متواصل حيث أن انقطاع وصوله للجسم لمدة ثلاث دقائق
في المتوسط يؤدي إلى موت الإنسان بينما يمكن أن يعيش الإنسان بدون طعام
لعدة أسابيع وبدون ماء لعدة أيام. وإلى جانب هذه الوظيفة الرئيسية يقوم
الجهاز التنفسي بوظيفتين ثانويتين أولاهما استخدام الهواء الخارج من
الرئتين لتوليد الأصوات من خلال مروره على الحبال الصوتية ومن ثم الفم
والأنف وثانيها استخدام الهواء المستنشق المحمل بالمواد المتطايرة من
مختلف المصادر للتعرف على روائحها من خلال مستقبلات الشم الموجودة في سقف
الأنف. ولكي
يتمكن هذا المصمم من حساب المساحة الداخلية لجدران الحويصلات الهوائية
يلزمه معرفة الضغط الجزيئ للأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الهواء الموجود
في داخل الرئة وكذلك في الدم وذلك لكي يحدد معدل تبادل هذه الغازات بين
الهواء والدم من خلال غشاء الخلايا المبطنة للحويصلات الهوائية. وعلى
المصمم هذا أن يقوم بتصميم أغشية خاصة بسماكة بالغة الدقة لجدران
الحويصلات والشعيرات الدموية المحيطة بها بحيث يمكن للأكسجين وثاني أكسيد
الكربون من اختراقها بسهولة وبمعدلات كافية. ولقد تمكن العلماء من قياس
المساحة الداخلية لجدران الحويصلات الهوائية في الرئتين فوجودها تبلغ في
المتوسط سبعين مترا مربعا ولو طلب من هولاء العلماء حساب هذه المساحة
نظريا فإني على يقين من أنهم سيواجهون كثيرا من الصعوبات بسبب كثرة
العوامل التي حددت هذه المساحة. وإذا كان هذا هو الحال مع العلماء بما
يملكون من عقول فكيف يمكن لإنسان عاقل أن يصدق أن تصميم الجهاز التنفسي
بما فيه من تعقيد التركيب ومنتهى الكفاءة في الأداء قد تم بالصدفة!
وسيكتشف القارئ وهو يقرأ عن مكونات الجهاز التنفسي أن في كل مكون من
مكوناته معجزات بينات من حيث تصميم أجزاءه وكفاءتها العالية في القيام
بالوظائف المنوطة بها وسيتيقن أنها صممت من قبل خالق لا حدود لعلمه وقدرته
وهو القائل سبحانه" الذي أحسن كل شيئ خلقه". والمنخاران مبنيان من الأعلى من مادة غضروفية مرنة مكسوة بالجلد من الخارج والداخل مما يسهل من تحريك مقدمة أو أرنبة الأنف (nasal tip) وكذلك إغلاق الفتحتين من خلال الضغط على جوانب الأنف وذلك لإخراج المخاط أو لتجنب دخول الروائح الكريهة. إن وظيفة المنخارين هي إدخال الهواء إلى تجويف الأنف وكان يكفي لو ترك الأمر للصدفة أن يكونا مجرد فتحتين في منتصف الوجه وبدون بروز ولكن المصمم هو الله عز وجل الذي أكرم الإنسان بهذا الوجه الجميل من خلال هذا التصميم البديع للجزء البارز من الأنف والذي يأتي بأشكال لا حصر لها لإحداث هذا التنوع في أشكال وجوه البشر. وينفتح المنخاران على تجويفين واسعين في مقدمة الجمجمة يطلق عليهما التجويف الأنفي (nasal cavity) والذي يحده من الأسفل سقف الفم المكون من الحنك الصلب (hard palate) والحنك الطري (soft palate) ومن الأعلى عظام الجمجمة وعظمة الأنف ومن الخلف والجوانب عظام الجمجمة. ويبرز من الجدارين الجانبيين للتجويف الأنفي ثلاثة قواطع عظمية رقيقة تقع فوق بعضها البعض تسمى الحيود العظمية (nasal turbinate or conchæ) تعمل على تقسيمه إلى تجاويف ثانوية (meatuses) وقد صممت أشكال هذه القواطع بطريقة بديعة بحيث تخدم الوظائف المختلفة للجهاز التنفسي. ويبطن التجويف الأنفي غشاء مخاطي رقيق ومهدب تتخلله شبكة كثيفة من الشعيرات الدموية ويعمل هذا الغشاء على تسخين أو تبريد الهواء الداخل إلى الرئة وكذلك ترطيبه بينما تقوم الأهداب بتحريك المخاط باتجاه البلعوم. وينمو على الجلد الداخلي لمقدمة الأنف أو المنخار شعر خفيف يعمل على اصطياد ذرات الغبار التي تدخل مع الهواء بينما يقوم السائل المخاطي الذي تفرزه بطانة التجويف الأنفي بامتصاص ذرات الغبار وإخراجها عند التمخط. وتنفتح القناتان الدمعيتان (tear ducts) أسفل الحيد السفلي (inferior turbinate) حيث تمتدان من الحويصلات الدمعية الموجود في مقلتي العينيين. ويوجد
على جوانب التجويف الأنفي أربعة أزواج من التجاويف محفورة داخل عظام
الجمجمة تسمى الجيوب الأنفية (Sinuses) وهي مبطنة بغشاء مخاطي مهدب
(ciliated mucous membrane). وتتصل الجيوب الأنفية بالتجويف الأنفي من
خلال فتحات ضيقة يتم من خلالها إدخال الهواء إليها وإخراج الإفرازات
المائية من بطانتها إلى الأنف حيث تعمل هذه الإفرازات على ترطيب الأنف.
وأكبر هذه الجيوب هو الجيب الفكي (Maxillary Sinus) والذي يقع على
الجانبين السفليين للتجويف الأنفي ويبلغ متوسط حجمه 15 سم مكعب ومن ثم
الجيب الجبهي (Frontal Sinuses) والذي يقع فوقه عند الجبهة ويبلغ متوسط
حجمه 12 سم مكعب ومن ثم الجيب الوتدي (Sphenoidal Sinuses) الذي يقع خلف
التجويف الأنفي ويبلغ متوسط حجمه 8 سم مكعب ومن ثم الجيب الغربالي
(Ethmoidal Sinuses or Air Cells) الذي يقع على الجانبين العلويين وهو
مكون من عدد من التجاويف الصغيرة كما هو مبين في الصورة المرفقة. ولم يجزم
العلماء بعد بالوظيفة الرئيسية التي صممت من أجلها هذه الجيوب فهم على
خلاف فيما إذا كان الهدف منها التخفيف من ثقل عظام الجمجمة أم أنها تعمل
كفجوات رنين (resonant cavities) لتحسين نوعية الصوت الذي يصدر من خلال
الفم والأنف عند الكلام. ويوجد في سقف التجويف الأنفي رقعتان من طبقة
مخاطية يحتوي كل منها على ما يقرب من خمسة ملايين مستقبل شمي (Olfactory
receptors) تستخدم في حاسة الشم (Olfactory or smelling sense). أما
الوظيفة الثالثة لهذه القواطع فهي بعثرة الهواء المستنشق لكي تمكنه من
الوصول إلى مستقبلات الشم الموجودة في سقف التجويف. وكذلك تعمل هذه
البعثرة للهواء المستنشق على تمرير جميع أجزائه على السطح المخاطي مرات
عديدة لكي يتم تنقيته بشكل كامل من ذرات الغبار ولولا هذه الآلية لتعرضت
الرئتين للتلف السريع بسبب تراكم الأوساخ فيها. أما الوظيفة الرابعة
للقواطع فتتعلق بتحسين خصائص الصوت الذي يخرج من الفم وكذلك الأنف عند
التكلم وذلك بالتعاون مع الجيوب الأنفية. إن البشر بما يملكون من عقول لا
يمكنهم أن يفطنوا لكل هذه الوظائف التي يقوم بها التجويف الأنفي ولولا
أنهم درسوا تركيب هذا التجويف دراسات مستفيضة لما تنبهوا لها أبدا. فكيف
يمكن لإنسان عاقل مهما بلغ مستوى تعليمه أن يصدق أن تصميم هذا التجويف
الأنفي قد تم تصميمه وتصنيعه بالصدفة! أما الجزء البلعومي الفمي (Oropharynix) فهو ممر مشترك للهواء والطعام ويوجد فيه زوجان من اللوز وهما لوزتا الحنك أو الفك (Palatine tonsil) ولوزتا اللسان (Lingual tonsil). ويتم فصل هذا الجزء عن التجويف الفمي من خلال اللهاة (Uvula) وهي نهاية الحنك الطري وذلك لتأمين مرور الهواء من خلاله أثناء مضغ الطعام. ويقوم الحنك الطري واللهاة كذلك بإغلاق الجزء البلعومي الأنفي أثناء بلع الطعام لكي لا يصل أي جزء منه إلى التجويف الأنفي. أما الجزء البلعومي الحنجري (Laryngopharynix) فهو الجزء الذي يتفرع فيه البلعوم إلى جزئين أحدهما بشكل مباشر إلى المرئ والآخر إلى الحنجرة (Larynx) من خلال بوابة يتم التحكم بفتحها وإغلاقها باستخدام لسان المزمار. إن الوظيفة الرئيسية للبلعوم هي استخدامه كممر مشترك للهواء القادم من الأنف الى القصبة الهوائية وكممر للغذاء القادم من الفم الى المرئ. ويقوم لسان المزمار (epiglottis) بإغلاق مجرى التنفس عند فتحة الحنجرة بشكل تلقائي عندما يقوم الإنسان ببلع الطعام فيحول دون دخوله إلى القصبة الهوائية. وتتجلى حكمة الخالق سبحانه وتعالى في تصميم هذا المجرى المشترك حيث أنه يحقق غايتين بالغتي الأهمية فالأولى استخدام الفم كبديل عن الأنف في عملية التنفس فعندما يصاب الإنسان بالزكام قد تنغلق فتحتا الأنف كليا بسبب تراكم الإفرازات فيهما وفي هذا الحال يقوم الفم مقام الفم في إدخال الهواء إلى الرئتين. أما الغاية الثانية فهي استخدام الهواء الذي يخرج من الرئتين في عملية إحداث الأصوات التي تصدرها الحبال الصوتية والتي تمر على مكونات الفم لتنتج الكلام. أما
الوظيفة الثانوية للبلعوم فهي استخدامه كفجوة رنينية (Resonating chamber)
تعمل على تقوية وترشيح بعض الترددات التي تولدها الحبال الصوتية مما يعمل
على تحسين نوعية الصوت. والحنجرة مبنية من ستة أنواع من الغضاريف ثلاثة منها فردية بينما الثلاثة الأخرى زوجية أي أنها تحتوي على تسعة قطع من الغضاريف مختلفة الأشكال لكل منها وظيفته الخاصة. فالغضاريف الفردية هي أولا الغضروف الدرقي (thyroid cartilage) وهو أكبر الغضاريف حجما ويطلق عليه أيضا اسم تفاحة أدم (Adam's apple). يتكون هذا الغضروف من لوحين مقوسين على شكل شبه منحرف ملتحمين عند المقدمة ومفتوحين في الخلف وهو يشكل النصف الأمامي من صندوق الحنجرة ويوجد في أعلاه وعند مقدمته ثلمة (notch). ويبرز من النهاية الخلفية لكل من اللوحين الدرقيين قرنان علويان يرتبطان بالعظم اللامي (Hyoid bone) من خلال عضلات تعمل على رفعه عند انقباضها أما السفليان فيلتحمان بسطح الغضروف الحلقي أو الخاتمي. وتبلغ الزاوية بين لوحي الغضروف الدرقي 90 درجة عند الرجال و 120 درجة عند النساء مما يجعله أكثر بروزا عند الرجال بينما لا يكاد يظهر هذا البروز عند النساء وذلك لأغراض جمالية. إن هذا الاختلاف في تصميم الحنجرة لدى الرجال والنساء رغم أن الوظيفة واحدة وذلك مراعاة للناحية الجمالية يفحم كل من يجحد بأن الله عز وجل هو الخالق فلا يمكن لأي عاقل أن يدعي أن ذلك قد تم بالصدفة بل لو وكل الأمر للبشر لتصميم الحنجرة لما أخذوا هذا الاختلاف بعين الاعتبار. أما الغضروف الفردي الثاني فهو الغضروف الحلقي أو الخاتمي (cricoid cartilage) ويقع تحت الغضروف الدرقي وهو على شكل الخاتم (ring) فهو عريض في الجهة الخلفية وشحيح في المقدمة. أما الغضروف الفردي الثالث فهو لسان المزمار (epiglottis) وهو على شكل ورقة النبات أو الملعقة وقاعدته مثبتة في الجدار الأمامي للغضروف الدرقي تحت الثلمة مباشرة ويقوم لسان المزمار بإغلاق الحنجرة تماما عند بلع الطعام من خلال العضلات التي تتحكم بحركته. أما الغضاريف الزوجية فهما الغضروفان الطرجهاريان (arytenoid cartilages) وهما غضروفان هرميا الشكل مثبتان على الحافة العليا للغضروف الحلقي من الناحية الخلفية وعليهما يتم تثبيت أحد طرفي الحبال الصوتية الحقيقية وكذلك الكاذبة. وهذان الغضروفان يمكن تحريكهما بعضلات خاصة موجودة في الجزء الخلفي من الحنجرة وذلك لفتح وإغلاق الأحبال الصوتية وكذلك شدهما وإرخاؤهما. أما الغضروفان القرنيان (corniculate cartilages) والغضروفان الأسفينيان (cuneiform cartilages) فهي غضاريف مثبتة فوق الغضروفين الطرجهارين لتكونا الحافة السفلى والجانبية لفتحة الحنجرة وعليهما يطبق غضروف لسان المزمار عند إغلاق الفتحة عند بلع الطعام. ويوجد في منتصف تجويف الحنجرة زوجان من الأغشية يقعان فوق بعضهما البعض ويتكون كل غشاء من ثنيتين (folds) تبرزان من الجدار الداخلى للحنجرة وتكون الثنيتان فيما بينهما فتحة طولية تمتد من مقدمة الحنجرة إلى مؤخرتها ويتم التحكم بمقدار الفتحة بعضلات مربوطة بالغضاريف الطرجهارية. فالغشاء السفلى يسمى الحبال أو الأوتار الصوتية الحقيقية (true vocal folds) بينما يسمى الغشاء العلوي بالحبال الصوتية الزائفة (false vocal folds). ويتم تثبيت أحد أطراف هذه الأغشية على السطح الداخلي للغضروف الدرقي عند مقدمته بينما يتم تثبيت الطرف الآخر على الغضروفان الطرجهاريان بحيث يتم ربط كل ثنية بالغضروف الذي يقابلها. ويتم التحكم في مقدار اتساع الفتحتين من خلال تحريك عضلات مرتبطة بالغضروفين الطرجهاريين تقوم بابعادهما أو تقريبهما من بعض البعض وكذلك تعمل على شد أو إرخاء الحبال الصوتية وذلك لأغراض تغيير تردد النغمات التي تولدها. ومن الجدير بالذكر أن الفتحتين الموجودتين في الحبال الصوتية الحقيقية والكاذبة تفتحان وتغلقان معا وهما مفتوحتان بكامل اتساعهما في الوضع الطبيعي وذلك لتمرير هواء التنفس أما عند الكلام فإنه يتم إغلاقهما جزيئا لتوليد الصوت. إن وظيفة الحبال الصوتية الزائفة هو منع دخول الأجسام الغريبة إلى الرئتين إذا ما حصل بالخطأ أن تجاوزت هذه الأجسام بوابة الحماية الرئيسية وهي لسان المزمار حيث تبدأ الحنجرة بعملية السعال أو الكحة (cough) لإخراج الجسم الغريب. أما الحبال الصوتية الحقيقية فوظيفتها الرئيسية هو توليد الأصوات من خلال اهتزازها بفعل تيار الهواء الذي يمر عليها خارجا من الرئتين. ويتراوح طول الحبال الصوتية عند الرجال بين 17.5 و 25 ملليمتر وعند النساء بين 12.5 و 17.5 ملليمتر بينما يتراوح سمكها بين 2 و 3 ملليمتر. وعندما يمر الهواء الخارج من الرئتين بقوة كافية على الحبال الصوتية فإنها تبدأ بالاهتزاز منتجة نغمات صوتية (sound tones) بترددات محددة تتحدد بشكل رئيسي من طول الحبال الصوتية ومقدار شدهما وكذلك قوة تيار الهواء الذي يحركها. وبما أن تردد الصوت المتولد من الوتر يتناسب عكسيا مع طول الوتر فإن التردد ألأساسي (fundamental frequency) الذي يتولد في حنجرة الرجال يبلغ في المتوسط 125 هيرتز أو ذبذبة في الثانية بينما يبلغ 210 هيرتز عند النساء بسبب قصر حبالهن الصوتية ويبلغ عند الأطفال 300 هيرتز. وإلى جانب التردد الأساسي تولد الحبال الصوتية ترددات كثيرة تسمى المتناغمات (harmonics) لها قيم تساوي مضاعفات التردد الأساسي وتمتد حتى 20 ألف هيرتز. إن الصوت الذي يتولد من الحبال الصوتية يحتوي على ترددات كثيرة غير مرغوب فيها ولكن بمروره على تجاويف مجرى التنفس التي تعمل كفجوات رنين (Resonating chamber) فإنه يتم ترشيح كثير من هذه الترددات فيصبح الصوت أكثر نقاءا. ومن أهم هذه التجاويف تجويف البلعوم والفم والأنف والحنجرة والقصبة الهوائية والجيوب الأنفية وبسبب اختلاف أحجام هذه التجاويف فإنها تقوم بترشيح معظم الترددات غير المرغوب فيها على مدى الطيف الترددي للصوت. أما المحطة الرابعة فهي القصبة الهوائية ( Trachea ) وهي أنبوبة أسطوانية الشكل يتراوح طولها بين 10 سم و 16 سم بينما يتراوح قطرها بين 2 سم و 3 سم وتقع أمام المريء مباشرة وتمتد من الحنجرة عند مستوى الفقرة الرقبية السادسة إلى مستوى الفقرة الصدرية الخامسة حيث تتفرع إلى الشعبتين الهوائيتين. ويتكون جدار القصبة الهوائية من حلقات غضروفية دائرية غير مكتملة من الجهة الخلفية على شكل حذوة الفرس يبلغ عددها 20 حلقة. ويوجد في الجزء المفتوح من الحلقة ألياف عضلية ملساء (fibroelastic ligaments) تربط نهايات الحلقة الغضروفية وتعمل على تضييق قطر الحلقة عند انقباضها. إن عدم اكتمال الحلقات الغضروفية في القصبة الهوائية يدل على أن مثل هذا التصميم البديع لا يمكن أن يصدر إلا عن خالق لا حدود لعلمه وقدرته يعلم سبحانه أن هذا الأنبوب الهوائي (wind pipe) عليه أن يقوم بمهام مختلفة تتطلب مواصفات قد تكون متضاربة. فالمهمة الأولى والرئيسية هي تمرير الهواء إلى الرئتين وهي تتطلب أن يكون الأنبوب مفتوحا بشكل دائم وأن يكون قطره أكبر ما يكون وهذا يتطلب تصنيع كامل جداره من مادة صلبة كالغضاريف مثلا. ولكن المهام الأخرى للقصبة تتطلب عكس ذلك فإخراج البلغم من الرئتين عند إصابتها بالالتهاب يتطلب أن يكون الأنبوب مرن وذي قطر صغير لكي يزيد من ضغط الهواء فيه عند السعال أو الكحة وكذلك عند العطاس (sneeze reflex sneezing) وذلك لكي يدفع البلغم بقوة إلى الخارج. وكذلك فإن توليد الصوت في الحنجرة يتطلب تيارا هوائيا قويا يعمل على اهتزاز الحبال الصوتية بقوة كافية وهذا أيضا يتطلب أن يكون الأنبوب ضيق لرفع ضغط الهواء فيها. أما المهمة الرابعة والتي قد لا تخطر على البال فهي تسهيل حركة الطعام في المريء والذي يقع خلف القصبة الهوائية مباشرة أي أن جداريهما متلاصقين. ولكي تحقق القصبة كل هذه المتطلبات كان هذا التصميم البديع لها فهي مكونة كما أسلفنا من حلقات غضروفية تضمن أن تكون مفتوحة بشكل دائم ولكن هذا الحلقات غير مكتملة وقد تم استبدال الجزء المفقود من الغضروف بعضلات ملساء تعمل عند انقباضها على شد أطراف الحلقة فيضيق قطرها. إن تضيق قطر القصبة لا يحدث إلا عند الكلام أو السعال أو العطاس والذي يتم فقط في حالة إخراج الهواء من الرئتين أي الزفير بينما يكون قطرها أكبر ما يكون في حالة إدخال الهواء إلى الرئتين أي الشهيق. إن الجزء الخالي من المادة الغضروفية قد تم اختيار مكانه بحيث يكون هو الجزء الملامس للمريء وهذا يتيح للمريء أن يتمدد عند بلع الطعام ولو كان الجزء الغضروفي هو الملامس لما أمكن للمريء أن يتمدد فسبحانه من خالق لطيف خبير. وقد يسأل سائل عن السبب في تصنيع القصبة الهوائية من حلقات غضروفية وليس من صفيحة غضروفية والجواب على ذلك أن القصبة الهوائية بوجود الحلقات الغضروفية يمكنها أن تتمدد وتتقلص في الاتجاه العامودي بسبب وجود عضلات ملساء بين هذه الحلقات. إن مثل هذا التمدد والتقلص للقصبة الهوائية ضروري جدا لتأدية بعض المهام كالسماح للحنجرة بالتحرك إلى الأعلى عند بلع الطعام لكي يتم إغلاق فتحتها بشكل محكم من قبل لسان المزمار.
أما
المهمة الثانية فهي السماح للرئة بالتحرك إلى الأعلى عند العطاس والسعال
لكي تقوم بدفع الهواء بقوة إلى الخارج. أما السبب الأخير فإن عملية تضييق
القصبة الهوائية فيما لو صنعت من صفيحة غضروفية ستكون صعبة حتى لو كانت
غير كاملة الاستدارة. ويبطن جدار القصبة الهوائية مادة طلائية مهدبة كاذبة
(pseudostratified ciliated epithelium) تقوم بإفراز المواد المخاطية التي
تساعد على ترطيب الهواء وتنقيته من الشوائب بينما تقوم الأهداب بالتذبذب
من الأسفل إلى الأعلى لدفع الإفرازات المخاطية وإخراجها عن طريق الفم. تتم عملية التنفس من خلال توسيع وتضييق القفص الصدري (Thoracic cage) وليس من خلال حركة ذاتية للرئتين فهما لا تحتويان على عضلات خاصة لإحداث مثل هذه الحركة. ويتكون القفص الصدري من اثني عشر زوج من زوائد عظمية تسمى الضلوع (ribs) تربطها ببعضها عضلات الضلوع أو العضلات الوربية (Intercostal muscles) وهو مخروطي الشكل له فتحتان العلوية منهما ضيقة وتمر منها القصبة الهوائية والمريء والأوعية الدموية والأعصاب. أما الفتحة السفلية فهي واسعة وهي مغلقة بالكامل بعضلات الحجاب الحاجز (Diaphragm) الذي يفصل التجويف الصدري عن التجويف البطني. وتتم عملية التنفس بشكل متواصل ودوري من خلال عمليتين متعاقبتين وهما عملية الشهيق (Inspiration) وفيها تنقبض عضلات الحجاب الحاجز وعضلات الضلوع فيهبط الحجاب الحاجز إلى الأسفل وترتفع الضلوع إلى الأعلى فيتسع بذلك تجويف القفص الصدري مما يجعل الهواء يدخل إلى الرئتين نتيجة انخفاض ضغط الهواء داخلهما وهي عملية تحتاج لبذل كمية من الطاقة. أما في عملية الزفير (Expiration) فإن عضلات الضلوع والحجاب الحاجز تنبسط وتعود لوضعها الطبيعي فيقل بذلك حجم التجويف الصدري فيضغط على الرئتين مما يؤدي إلى طرد الهواء للخارج وهي عملية سلبية تتم بدون بذل أي جهد عضلي ولا تحتاج للطاقة. وتبلغ السعة القصوى للرئتين 6000 مم أي ستة لترات من الهواء وتسمى هذه السعة الكلية للرئة (Total lung capacity) أما كمية الهواء الموجودة في الرئة في الوضع الطبيعي فهي ثلاثة لترات تقريبا. ويبلغ حجم الهواء الذي يدخل الرئتين ويخرج منها في كل دورة وذلك في وضع الراحة ما يقرب من 500 مم ويسمى هذا الحجم بالحجم الموجي أو المدي (Tidal volume) ولكن من الممكن زيادة هذا الحجم إلى ما يقرب من 2500 مم أي لتران ونصف من الهواء وذلك عند القيام بشهيق عميق بعد شهيق اعتيادي ويسمى هذا الحجم بالحجم الشهيقي الإحتياطي (Inspiration reserve volume). ويمكن طرد كمية من الهواء بعملية زفيرية قوية بعد عملية زفيرية اعتيادية بمقدار 1500مم ويعرف هذا بالحجم الزفيري الإحتياطي (Exspiratory reserve volume). وعند
القيام بمجهود شاق كالعمل أو الرياضة فإن كمية الهواء المستنشق قد تصل إلى
4500 مم وتسمى هذه بالسعة الحيوية (Vital capacity). أما كمية الهواء الذي
يتبقى في الحويصلات الهوائية بعد أعمق زفير والتي تساوي 1500 مم فيسمى
الحجم المتبقي (Residual volume). وبما أن الهواء المستنشق لا يصل بكامله
الى الحويصلات الهوائية بل يتبقى ما مقداره 150 مم في المجاري التنفسية لا
يشترك في تزويد الدم بالأكسجين ويسمى هذا بالحيز الميت (dead space). ففي
الدورة الدموية الكبرى يخرج الدم المؤكسد من البطين الأيسر إلى جميع أعضاء
الجسم ثم يعود دما غير مؤكسد إلى الأذين الأيمن أما في الدورة الدموية
الصغرى فيخرج الدم غير المؤكسد من البطين الأيمن إلى الرئتين ثم يعود دما
مؤكسدا إلى الأذين الأيسر. ويتم تبادل غازي الأكسجين وثاني أكسيد الكربون
بين الهواء الموجود في الحويصلات الهوائية والدم الموجود في الشعيرات
الدموية المحيطة بها وكذلك بين السائل ما بين الخلوي () والدم الموجود في
الشعيرات الدموية الممتدة بين خلايا الجسم من خلال الانتشار البسيط. أما
خلية الدم الحمراء التي تحتوي على 270 مليون جزيئ هيموجلوبين فإن في تصميم
شكلها ما يؤكد على أن الذي صممها عليم خبير سبحانه وتعالى فقد تم اختيار
الشكل بحيث يكون له أكبر مساحة سطح ممكنة وبأقل حجم لكي يتسنى وضع أكبر
عدد ممكن من جزيئات الهيموجلوبين عليه لكي تمسك بأكبر عدد ممكن من جزيئات
الأكسجين. وخلية الدم الحمراء لا تحتوي على نواة وهي على شكل قرص بسطحين
مقعرين (biconcave disks) أي على شكل الكعكة ويبلغ قطرها 7,5 ميكرومتر
وسمكها الخارجي عند أطرافها 2 ميكرومتر ومساحتها 136 ميكرومتر مربع .
ويحتوي الملليمتر المكعب الواحد من الدم خمسة ملايين خلية دم حمراء في
المتوسط ويبلغ مجموع ما يحتويه الدم في جسم الإنسان من خلايا الدم الحمراء
ما متوسطه 25 تريليون. إن متوسط عمر خلية الدم الحمراء يبلغ في المتوسط
ثلاثة أشهر ولذا فإنه يلزم إنتاج خلايا جديدة لتعويض ما يموت منها وتتم
عملية إنتاج هذه الخلايا في نخاع العظام حيث ينتج منها ما متوسطه مليوني
خلية في الثانية الواحدة. | ||||||||||||||||
مشاهده: 467 | الترتيب: 0.0/0 |
مجموع المقالات: 0 | |
مقالاتي [8] |
مقال اسلامى
[0]
يضاف مقالات اسلامسه
|
مقال اخبارى
[10]
مقالات اخباريه
|