جريمتى القتل والزنى بين سماحة المسيحيه المزعومه وعدل الاسلام
مقالة للدكتور عطية عبد الغني
فى هذا المقال نتناول الفرق فى التشريع وكيفية التعامل مع جريمتى القتل والزنى بين سماحة المسيحيه المزعومه وعدل الاسلام .
لا شك ان جريمتى القتل (الاعتداء على الابدان وازهاق الارواح) والزنى (الاعتداء على الشرف وهتك الاعراض) هما من ابشع الجرائم التى تشمئز منها النفوس الطاهرة الابيه وتحاربها كل الشرائع السماويه القوانين الارضيه التى تسعى لتطهير المجتمع من مثل هذه الافات والحفاظ على الافراد من مثل هذه الاعتداءات على النفس والعرض .
وسوف نعرض ما ورد من تشريعات فى الكتب والتشريعات السماويه الموحى بها لنرى مدى حرصها على محاربة تلك الافات والامراض من تفشيها فى المجتمع حرصا على سلامته وامنه وطهارته .. ثم نضرب مثالا لنرى التطبيق العلمى لما ورد من تشريعات فى هذه الكتب على ارض الواقع كيف يكون اثرة ..
اولا القتل :
بالطبع الاعتداء على الابدان له من الاضرار على المجتمع ان ترك المعتدى دون عقاب يعيس فى الارض فسادا ما لا نستطيع حصره وعده , فقد تصبح الارض كالغابة يأكل القوى الضعيف ويعتدى القادر على غير القادر وتنتهك الحرمات ولا يأمن الناس على حياتهم فكيف تكون فى الارض حضارة وعمارة واستخلاف وتقدم , والناس لا يأمن احدهم على حياته او حياة من يعول .
لهذا وضعت التشريعات حدا وعقوبة لمن تعدى على الابدان بأن يجازى بالمثل فى الدنيا , وتوعد الله المعتدى بالعذاب العظيم يوم القيامة . ذلك ليكون الحد والعقوبه رادعا للمعتدى ومانعا لغيره من ان يقتدى به ويقترف مثل هذا العمل .
ففى التوراة نجد ان التشريع هو : اللاويين 24 : 17 – 22
17. وَاذَا امَاتَ احَدٌ انْسَانا فَانَّهُ يُقْتَلُ.
18. وَمَنْ امَاتَ بَهِيمَةً يُعَوِّضُ عَنْهَا نَفْسا بِنَفْسٍ.
19. وَاذَا احْدَثَ انْسَانٌ فِي قَرِيبِهِ عَيْبا فَكَمَا فَعَلَ كَذَلِكَ يُفْعَلُ بِهِ.
20. كَسْرٌ بِكَسْرٍ وَعَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. كَمَا احْدَثَ عَيْبا فِي الْانْسَانِ كَذَلِكَ يُحْدَثُ فِيهِ.
21. مَنْ قَتَلَ بَهِيمَةً يُعَوِّضُ عَنْهَا وَمَنْ قَتَلَ انْسَانا يُقْتَلْ.
22. حُكْمٌ وَاحِدٌ يَكُونُ لَكُمْ. الْغَرِيبُ يَكُونُ كَالْوَطَنِيِّ. انِّي انَا الرَّبُّ الَهُكُمْ».
وفى سفر الخروج 21 : نقرأ فى الاعداد الاتى …..
12 «مَنْ ضَرَبَ إِنْسَانًا فَمَاتَ يُقْتَلُ قَتْلاً.
13 وَلكِنَّ الَّذِي لَمْ يَتَعَمَّدْ، بَلْ أَوْقَعَ اللهُ فِي يَدِهِ، فَأَنَا أَجْعَلُ لَكَ مَكَانًا يَهْرُبُ إِلَيْهِ.
14 وَإِذَا بَغَى إِنْسَانٌ عَلَى صَاحِبِهِ لِيَقْتُلَهُ بِغَدْرٍ فَمِنْ عِنْدِ مَذْبَحِي تَأْخُذُهُ لِلْمَوْتِ.
23 وَإِنْ حَصَلَتْ أَذِيَّةٌ تُعْطِي نَفْسًا بِنَفْسٍ،
24 وَعَيْنًا بِعَيْنٍ، وَسِنًّا بِسِنٍّ، وَيَدًا بِيَدٍ، وَرِجْلاً بِرِجْل،
25 وَكَيًّا بِكَيٍّ، وَجُرْحًا بِجُرْحٍ، وَرَضًّا بِرَضٍّ.
28 «وَإِذَا نَطَحَ ثَوْرٌ رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً فَمَاتَ، يُرْجَمُ الثَّوْرُ وَلاَ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ. وَأَمَّا صَاحِبُ الثَّوْرِ فَيَكُونُ بَرِيئًا.
29 وَلكِنْ إِنْ كَانَ ثَوْرًا نَطَّاحًا مِنْ قَبْلُ، وَقَدْ أُشْهِدَ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَمْ يَضْبِطْهُ، فَقَتَلَ رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً، فَالثَّوْرُ يُرْجَمُ وَصَاحِبُهُ أَيْضًا يُقْتَلُ.
30 إِنْ وُضِعَتْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ، يَدْفَعُ فِدَاءَ نَفْسِهِ كُلُّ مَا يُوضَعُ عَلَيْهِ.
31 أَوْ إِذَا نَطَحَ ابْنًا أَوْ نَطَحَ ابْنَةً فَبِحَسَبِ هذَا الْحُكْمِ يُفْعَلُ بِهِ.
32 إِنْ نَطَحَ الثَّوْرُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً، يُعْطِي سَيِّدَهُ ثَلاَثِينَ شَاقِلَ فِضَّةٍ، وَالثَّوْرُ يُرْجَمُ.
فنرى ان الحكم لمن امات انسان (قتله) بأنه يُقتل , ومن احدث عاهه بانسان يفعل به كذلك – عين بعين وسن بسن وكسر بكسر .بل حتى الحيوان (الثور) الذى يتسبب فى موت انسان عليه عقوبه .!! بالرغم من أن الحيوان غير مكلف الا ان شريعة التوراة حكمت عليه بالرجم والموت ..
وهذه الحدود انما وضعت للحفاظ على المجتمع وضمان سلامته لو ترك المعتدى دون عقاب لتمادى فى جرمه ولاقتدى به الكثيرون من اصحاب الشهوات والنزعات الشيطانيه والاخلاق الغير سويه .
وهذا نجده ايضا فى التشريع القرآنى الذى قال : فى سورة البقرة ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون ( 179 ) )
قوله تعالى ( ولكم في القصاص حياة ) أي بقاء وذلك أن القاصد للقتل إذا علم أنه إذا قتل يُقتل يمتنع عن القتل فيكون فيه بقاؤه وبقاء من هم بقتله وقيل في المثل القتل قلل القتل وقيل في المثل القتل أنفى للقتل ” وقيل معنى الحياة سلامته من قصاص الآخرة فإنه إذا اقتص منه حيا في الآخرة وإذا لم يقتص منه في الدنيا اقتص منه في الآخرة ( يا أولي الألباب لعلكم تتقون ) أي تنتهون عن القتل مخافة القود
ولهذا اقر القرآن القصاص من القاتل بأن يُقتل , فى الحديث ” لا يحل دم امرئ مسلم الا باحدى ثلاث … النفس بالنفس … “
وقوله تعالى: “فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم”
وقد أتى القرآن بتفصيل اكثر فى عقوبة القتل ليفرق بين القتل المتعمد والذى عقوبته القصاص بالمثل والقتل الخطأ الذى يعاقب صاحبه ولكن بما يكفر خطأه دون القتل لانه ليس متعمد مع دفع الدية لأهل القتيل .
تجب الديَة المخففة في القتل الخطأ ، كعقوبة أصلية ، روعي في تقدير الديَة انعدام قصد الجاني .
تجب الديَة في القتل الخطأ على عاقلة القاتل « وهم ذكور عصبة الجاني فلا يدخل الزوج ولا الإخوة لأم ولا الإناث »
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا(92)وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا( 93سورة النساء . )}
وهذا التشريع الحكيم لا تجده الا فى القرآن الذى لم يسبقه ولا يعلو فوقه تشريع .
ولكن وبالرغم من ان الانجيل ينقل عن المسيح قوله (مت 5 : 17 ) لا تظنوا انى جئت لانقض الناموس والانبياء ما جئت لانقض بل لاكمل .. الا ان التشريع الانجيلى ينقض هذه القاعده , وهى قاعدة القصاص والعقاب فى النص الذى ورد فى (مت 5 : 38 – 39 )
38. «سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ.
39. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً.
وفى هذه القاعده خضوع وخنوع للظلم والظالمين وانكسار وذل يدعوا الى تفشى الظلم وانتشارة .. والذى يجب ان يواجه حتى يتم منعه .. ولا يسمى هذا الخضوع محبه لان المحبه لا تكون للظالمين المعتدين على النفس والابدان والارواح ..
ولو كانت المسيحيه تقصد بهذه التعاليم المحبه لكان الاولى بالمحبه هو الاخ والاب والام والابناء الذين قال فيهم الانجيل …
متى 18 :
15. «وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا. إِنْ سَمِعَ مِنْكَ فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ.
16. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فَخُذْ مَعَكَ أَيْضاً وَاحِداً أَوِ اثْنَيْنِ لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ.
17. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَالْوَثَنِيِّ وَالْعَشَّارِ.
ها هو الكتاب يأمر اتباعه اذا اخطأ إليك أخوك ولم يستمع لمعاتبتك , فليكن عندك كالوثنى والعشار – اى يكون كالكافر – فهل هذه محبه ؟ وأليس الاخ كان أولى اذا اخطأ الى اخيه ان يعطيه الخد الاخر ؟؟!!
متى 10 :
35. فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا.
36. وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ.
فإن كان التسامح مع من لطمك على خدك الايمن وصل الى ان تدير له الخد الاخر , الم يكن الاب والام والكنة واهل البيت اولى بالتسامح حتى ولو كانوا غير مؤمنين عسى ان يكون بهذا التسامح وحسن المعاملة معهم باب لتأليف قلوبهم الى الايمان , بدلا من ان يكون اعداء الانسان اهل بيته .
الشاهد هو ان تعاليم وشرائع العهد الجديد (الانجيل) تبطل شريعة القصاص التى كانت فى العهد القديم (ولا ندرى هل نسمى هذا نسخ ام الغاء أم نقض) بالرغم من قول المسيح انه لم يأت لينقض الناموس والانبياء بل ليكمل .
فنجد ان فى المسيحيه ابطل الحد والقصاص وابدله بالذل والخضوع للظالمين بل وتيسير الظلم لهم بان من لطمك على خدك الايمن فأدر له انت الايسر حتى يستمر فى ظلمه وتعديه .!!
ثانيا : الزنى
لا شك ان الزنى فى المجتمع يؤدى الى الكثير من المفاسد والتى نذكر منها على سبيل المثال : اختلاط الانساب , فلو تفشى الزنى وانتشر فى مجتمع حتى ان المرأة اذا حملت بجنين لا تعلم لمن تنسبه من الرجال الذين عاشرتهم فربما نسبته الى رجل وهو ليس ابوة الحقيقى , والزنى يؤدى الى التغرير بالزوج لان المرأة ربما تزنى وتحمل من رجل وهى متزوجه أو تتزوج وهى حامل من رجل اخر ولكن دون ان يدرى الزوج فينسب الولد له ويربيه وينفق عليه وهو ليس ولده .
والزنى يسبب تفشى لكثير من الامراض التى تنتقل عن طريق الاتصال الجنسى بسبب تعدد ورود الرجال على نفس المرأة و ورود الرجل على العديد من النساء فيحمل كل منهم الامراض من البعض لينقلها الى البعض الاخر حتى يعم الوباء والامراض فى هذا المجتمع الذى ينتشر فيه الزنى . ومرض الايدز المميت الفتاك الذى ليس له علاج خير دليل على هذا , وقد ذكر هذا رسول الاسلام محمد صلى الله عليه وسلم فى حديثه : ( لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا) رواه ابن ماجه.
وفي حديث آخر(وما فشا الزنا في قوم قط إلا كثر فيهم الموت) رواه مالك في الموطأ.
كما ان عدم تحريم الزنى وعدم وضع العقوبات الرادعه له يفتح الباب للعاهرات والرجال الذين يتاجرون فى الاعراض من اتخاذه سلعة فنجد كما هو موجود الان فى بعض الدول ان بيوت الدعارة اصبحت تعمل بتراخيص تحت مرأى ومسمع من الحكومات وبشكل علنى .
والفطرة السليمه الابيه الطاهرة ترفض مثل هذا الفعل فالاصل فى الرجل ان يغار على اهله , فلا يقر فيهم الفاحشه ولا يرضى لامه او اخته او ابنته ان يفعل بهم هذه الفاحشه , كذلك يرفضها لنساء بلده ودينه ونساء العالم كله لان فطرته تأبى ذلك وكذلك النساء الطاهرات العفيفات تأبى مثل هذا الفعل الفاحش.
ولهذا فإن الشرائع السماويه حرمت هذا الفعل ووضعت من العقوبات والحدود ما فيه الردع لمن تجرأ على فعله وفيه العبرة لمن تسول له نفسه بفعله . فنجد فى العهد القديم (تشريع موسى )
تثنية 22 : 20 – 25
20. «وَلكِنْ إِنْ كَانَ هَذَا الأَمْرُ صَحِيحاً لمْ تُوجَدْ عُذْرَةٌ لِلفَتَاةِ.
21. يُخْرِجُونَ الفَتَاةَ إِلى بَابِ بَيْتِ أَبِيهَا وَيَرْجُمُهَا رِجَالُ مَدِينَتِهَا بِالحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوتَ لأَنَّهَا عَمِلتْ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيل بِزِنَاهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ.
22. «إِذَا وُجِدَ رَجُلٌ مُضْطَجِعاً مَعَ امْرَأَةٍ زَوْجَةِ بَعْلٍ يُقْتَلُ الاِثْنَانِ: الرَّجُلُ المُضْطَجِعُ مَعَ المَرْأَةِ وَالمَرْأَةُ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ إِسْرَائِيل.
23. «إِذَا كَانَتْ فَتَاةٌ عَذْرَاءُ مَخْطُوبَةً لِرَجُلٍ فَوَجَدَهَا رَجُلٌ فِي المَدِينَةِ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا
24. فَأَخْرِجُوهُمَا كِليْهِمَا إِلى بَابِ تِلكَ المَدِينَةِ وَارْجُمُوهُمَا بِالحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا. الفَتَاةُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لمْ تَصْرُخْ فِي المَدِينَةِ وَالرَّجُلُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَل امْرَأَةَ صَاحِبِهِ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ.
25. وَلكِنْ إِنْ وَجَدَ الرَّجُلُ الفَتَاةَ المَخْطُوبَةَ فِي الحَقْلِ وَأَمْسَكَهَا الرَّجُلُ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا يَمُوتُ الرَّجُلُ الذِي اضْطَجَعَ مَعَهَا وَحْدَهُ.
فقد وضع الرب فى تشريعه فى العهد القديم ان الزانى والزانيه ترجم حتى الموت .. واما المغتصب لفتاة فيقتل وحده لانها مغصوبه ,
وكذلك نجد التشريع فى سفر اللاويين 20 : 10 – 16
10. وَاذَا زَنَى رَجُلٌ مَعَ امْرَاةٍ فَاذَا زَنَى مَعَ امْرَاةِ قَرِيبِهِ فَانَّهُ يُقْتَلُ الزَّانِي وَالزَّانِيَةُ.
11. وَاذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ امْرَاةِ ابِيهِ فَقَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ ابِيهِ. انَّهُمَا يُقْتَلانِ كِلاهُمَا. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا.
12. وَاذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ كَنَّتِهِ فَانَّهُمَا يُقْتَلانِ كِلاهُمَا. قَدْ فَعَلا فَاحِشَةً. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا.
13. وَاذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ذَكَرٍ اضْطِجَاعَ امْرَاةٍ فَقَدْ فَعَلا كِلاهُمَا رِجْسا. انَّهُمَا يُقْتَلانِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا.
14. وَاذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَاةً وَامَّهَا فَذَلِكَ رَذِيلَةٌ. بِالنَّارِ يُحْرِقُونَهُ وَايَّاهُمَا لِكَيْ لا يَكُونَ رَذِيلَةٌ بَيْنَكُمْ.
15. وَاذَا جَعَلَ رَجُلٌ مَضْجَعَهُ مَعَ بَهِيمَةٍ فَانَّهُ يُقْتَلُ وَالْبَهِيمَةُ تُمِيتُونَهَا.
16. وَاذَا اقْتَرَبَتِ امْرَاةٌ الَى بَهِيمَةٍ لِنِزَائِهَا تُمِيتُ الْمَرْاةَ وَالْبَهِيمَةَ. انَّهُمَا يُقْتَلانِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا.
ويعرض هذا النص جريمة الزنى الابشع وهى زنى المحارم واللواط ووطئ البهيمه وجزاؤه القتل , حتى انه شرع بقتل البهيمه .
ما ابشع الفعل وما ابشع العقوبه . هكذا التشريع كلما كانت الجريمه بشعه وممقوته لابد ان تكون العقوبه بنفس درجة البشاعه لتكون رادعا ومانعا من وقوع مثل هذه الجريمه وتفشيها فى المجتمع .
وفى القرآن … نهى الله عن الوقوع فى الزنى , وليس هذا فحسب بل نهى حتى عن الاقتراب منه وفعل المقدمات التى تؤدى اليه كالنظر واللمس وغير ذلك وجعله الجريمة الاكبر والاعظم بعد الشرك بالله وقتل النفس بغير حق فقال :
( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الإسراء:32).
و قال سبحانه: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً) (الفرقان:68).
ووضع العقوبات التى تتناسب مع هذه الجريمه بحسب كل حاله .. اذا كان الفاعل متزوج ولديه ما يعف به نفسه تكون عقوبته الرجم حتى الموت , وان كان الفاعل غير متزوج وليس ليه ما يعف به نفسه يجلد مائة جلده ويغرب خارج بلدته لمدة عام .
و قال: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (النور:2) .
و قد بدأت الآية بالزانية قبل الزاني لأن الزنى من المرأة أفحش .
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال يارسول الله إني زنيت, فأعرض عنه , ردد عليه أربع مرات فلما شهد على نفسه أربع شهادات, دعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبك جنون؟ قال لا, قال فهل أحصنت؟ قال نعم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم, اذهبوا فارجموه)
ومن أفحش أنواعه الزنا بحليلة الجار؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك فقلت: ثم أي؟ قال : أن تزاني حليلة جارك (رواه أبو داود، وصححه الألباني) .
وأشد أنواع الزنى فحشا هو زنى المحارم حتى ان بعض الفقهاء ذهبوا أن الحد فيه هو القتل سواء كان الفاعل محصن او غير محصن للحديث ” من وقع على ذى محرم فاقتلوه ” وحديث البراء بن عاذب قال: لقيت خالي ومعه الراية فقلت: أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه وآخذ ماله” رواه الخمسة.
فهذا الرجل تزوج بامرأة أبيه وهي حرام عليه فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل، وأن يأخذ ماله غنيمة.
وقال بعض العلماء اخذ ماله دليل على ان حكمه حكم المرتد الذى لا يورث . اعاذنا الله وأياكم من كل ذنب وسوء .
وفى العهد الجديد نجد أن الحد الذى ذكرناه فى التشريع السماوى قد تم الغاؤة مرة اخرى وكما ذكرنا على الرغم من قول المسيح انى ما جئت لانقض الناموس والانبياء , ما جئت لانقض بل لاكمل . يلغى الحد على الزانية التى وردت فى انجيل يوحنا عندما احضرها له اليهود لاقامة الحد عليها – ولا ندرى اين الزانى فى هذه القصه ؟ أم ان هذه المرأة كانت تزنى مع الجدار ؟؟!! –
يوحنا 8 : 1 – 11
1. أَمَّا يَسُوعُ فَمَضَى إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ.
2. ثُمَّ حَضَرَ أَيْضاً إِلَى الْهَيْكَلِ فِي الصُّبْحِ وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ.
3. وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِناً. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسَطِ
4. قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ
5. وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟»
6. قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ.
7. وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!»
8. ثُمَّ انْحَنَى أَيْضاً إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ.
9. وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ خَرَجُوا وَاحِداً فَوَاحِداً مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي الْوَسَطِ.
10. فَلَمَّا انْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَداً سِوَى الْمَرْأَةِ قَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟»
11. فَقَالَتْ: «لاَ أَحَدَ يَا سَيِّدُ». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً».
ألغى يسوع العقوبة على الزانية وحد الرجم الذى اقرته شريعة الناموس (التوراة) واصبحت عقوبة الزانيه اذهبى ولا تخطئى ايضا .!!
والغريب هو انصراف الجميع دون ان يدينها احد ولا حتى يسوع لم يدينها !! والعجيب هو مبدأ من كان منكم بلا خطيئه فليرمها أولا بحجر !! فلا يوجد إنسان بلا ذنب أو خطيئه ولكن ليس كل الذنوب تتساوى فى الجرم والاعتداء والمفسده المترتبه عليها على الفرد والمجتمع , ولهذا هناك من الخطايا ما نجد وضعت له الحدود والعقوبات ومنها ما كان علاجه التوبه والاستغفار بحسب المفسده المترتبه عليه وتعديه من الفاعل على المجتمع من حوله ..
ولا ادرى ما هو المبرر الذى يدعوا الى الغاء العقوبات والحدود فى الدنيا ؟؟ هل اصبح الناس ملائكه لا تخطئ ؟؟ هل المجرمين والمعتدين الذين لا يمنعهم من العدوان والظلم الا الحدود والعقوبات قد انقرضوا ؟؟ هل فتح باب التوبه والرجوع الى الله يقتضى ان يغلق باب الحدود والعقوبات ؟ إن كان كذلك فلماذا تضع الدول المسيحيه القوانين الوضعيه التى تشمل على عقوبات وحدود لمن يخالف هذه القوانين ؟ أم ان شرع البشر اصبح افضل واحكم من شرع رب البشر ؟؟
وعلى ضوء ما سبق من معطيات نقرأ هذه القصه :
فى ليلة ظلماء وفى احدى الطرق الزراعيه النائيه كان يسير شاب وزوجته مسافرا الى اهله فى احدى القرى ليخبرهم بأن الله قد منّ عليه بأن حملت زوجته حملها الاول ليفرحوا معا بهذا الخبر السعيد , وبينما هم فى هذا الطريق خرج عليهم قاطع طريق بسلاحه يهددهم ويطلب منهم الاستيلاء على كل ما معهم من مال ومصاغ , حاول الشاب الدفاع عن نفسه وزوجته من هذا المعتدى فبادره بطعنة نافذة بسلاحه فأودت بحياته , أنهارت الزوجه من هذا المنظر فأخذ قاطع الطريق كل ما معهم من مال ومصاغ وقام بالاعتداء على الزوجة جسديا حتى ادى الى اجهاضها وحدوث نزيف شديد لها , وظلت الزوجه ملقاة بجوار جثة زوجها الى الصباح حتى ادركها الناس وهى فى لحظاتها الاخيرة , روت الزوجه القصه واخبرت الناس بمواصفات الجانى وفارقت الحياة . من مواصفات الجانى عرفه الناس والشرطه , فهو مجرم عتيد الاجرام اعتاد الاعتداء على الناس وممتلكاتهم بكل طريقة , وتم القبض عليه لاحقا ومثل امام القضاء , ومن حسن حظه أن كان القاضى مسيحي متدين يلتزم بما ورد فى الانجيل من نصوص وتعاليم ..
فعندما مثل المجرم امام القاضى قام القاضى بالتقليب فى صفحات الانجيل لينطق بالحكم فكان كما يلى .
(مت 5 : 38 – 39 )
38. «سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ.
39. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً
ثم نظر القاضى الى الناس وقال لهم :
وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَ أَوَّلاً بِحَجَرٍ
فاندهش الناس وسكتوا
فنظر القاضى الى السفاح المعتدى وقال له :
قَالَ لَهَ: «يَا رجلُ أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ
فَقَالَ: «لاَ أَحَدَ يَا سَيِّدُ». فَقَالَ لَهَ القاضى: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِ وَلاَ تُخْطِئِ أَيْضاً».
فانصرف السفاح المعتدى من ساحة المحكمه سعيدا بهذه العقيدة السمحاء .. عقيدة المحبة .. بعد ان اعتدى على الخد الايمن يبحث عن من يدير له الخد الايسر ليكمل اعتدائه … ونحن نسأل النصارى , هل يرضيكم هذا الحكم من كتابكم ؟؟ هل اذا كان المعتدى عليهم هم اختك او اخوك ايها النصرانى او احد اقاربك واهلك ترضى بهذا الحكم من كتابك ؟؟ أيها النصرانى , أى حكم تتمنى ان يناله هذا المعتدى ؟
وأما فى الاسلام فحكم هذا المعتدى هو القصاص العادل : وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(179). سورة البقرة
وجزاء من يسعون فى الارض لافسادها وترويع الامنين والاعتداء عليهم هو : (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [المائدة : 33]
لهذا السبب يكرة النصارى واشباههم من المنافقين المعتدين ان يحكم فيهم بشرع الله فى الاسلام الذى يقضى على المعتدين المفسدين الذين يرهبون الناس بالاعتداء عليهم ويسعون فى الارض فسادا بالقتل او الصلب او تقطع اطرافهم من خلاف او ينفوا من الارض حتى تطهر الارض منهم ويعيش الناس فى امان دون ترويع او خوف ولا ادرى اى شريعة يريدون ان يطبقوا ويحكموا بها اذا ارادوا العيش فى امان وطمئنينه هل هى شريعة الانجيل التى تكافئ المعتدين ام قوانين وضعيه يضعها الانسان بحسب ما يوافق اهوائه ويلونها بحسب رغباته وكم رأينا من قوانين يضعها علية القوم بحسب ما يلبى اطماعهم ويكونون هم اول من يخالفها ….
ونختم هذا المقال بقول الحق تبارك وتعالى :
” ” أَفَحُكْم الْجَاهِلِيَّةَ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّه حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ” المائدة 50
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .